بيت الجلاس
نبذة عن .. بيت الجلاس و شيئ مما يقال فيه
لكل شعب تراثه المميز , ومن تراث الشعب الليبي , ومن عاداته وتقاليده التي لم تعد موجودة بصورتها المعروفة قديماً , والتي نقلها لنا الآباء عن الأجداد , وربما عاصر الآباء نهاياتها .. ما يُسمى(بيت الجلاس), وهو بيت يُخصص مؤقتاً للمقابلات التي تتبادل فيها إحدى فتيات الحي (النجع) , مع من يرغب ويرى في نفسه الكفاءة من الفتيان , وأراد اختبار ما عنده من ملكة وموهبة شعرية, وإلمام بمعاني المفردات والمصطلحات الشائعة وغير الشائعة , والمُستحدثة لوصف ما يستجد من أمور . في لقاء مباشر , كل ما يدور فيه يدخل تاريخ البادية وتتناقله أجيالها , ويُحسب للخطأ والفشل فيه ألف حساب , واجتياز امتحانه يعتبر وسام يُفاخر به حامله أيما تفاخر , ولا يُنكره خصومه . يتبادلون في هذا البيت .. مختلف أنواع الأشعار الشعبية القصيرة , والتي يتم نسجها وصياغتها في هذا البيت .. ومن ثم يتداولها الناس , في أسفارهم وأثناء أعمالهم اليومية والموسمية وفي مناسباتهم , ويتذكرونها ويستعملونها كلما تطلب الأمر تعبيراً جاهزاً مختصراً ومعبراً . وتكون عادة معبرة عن آلامهم وآمالهم وطموحاتهم وتساؤلاتهم ومكونات بيئتهم ووظائفها , وكل ما يدور في مخيلاتهم .. ولا يحسنون التعبير عنه … وتُسمى الفتاة التي تقود جلسات بيت الجلاس (السلطانة) , ولاتصل إلى هذه المرتبة إلا من اتصفت بالقدرة على نظم الأشعار الشعبية القصيرة بشكل فوري ومتقن , ومدركة وملمة بمعاني الكلمات المستخدمة بشكل فائق , وتتصف بسرعة البديهة في تفسير ما تسمعه من أشعار , ومحيطة بما يجري حولها ومطلعة على تاريخ بيئتها وما دار فيها سابقاً بين القبائل المختلفة , وما قيل فيها من أشعار . وتعي جيداً المحمود من العادات والتصرفات والمذموم منها , وما يترتب على كل منها . وتتفاعل مع المواقف ولا تنفعل بها , وليس كل ما يُغضب غيرها يُغضبها ولا كل ما يُطربهم يُطربها . وملمة بأسماء واستعمالات كل الأدوات , وخصائص الحيوانات التي يمتلكونها ويستعملونها , وأنواع الصيد وطرق صيده … وقبل هذا وذاك هي يقظة وتعلم جيداً تأثير ما تقوله من أشعار على سامعيها ومتداوليها , وهي مرجع وحكم فصل في تفسير الأشعار والردود عليها , إلى جانب كبار الشعراء … وليس من السهل الظفر بها ونيل إعجابها , وقبل ذلك كله ليس من معتاد الأمور الحصول على ابتسامة منها , ويكون مِلئها الحياء والحشمة .. إذا جادت بها …وعادة ما تكون هذه الفتاة من أسرة عريقة تمتلك كل ما تتطلبه حياة البادية من أساسيات وكماليات . ولمن استكثر هذه المواصفات على فتيات تلك العصور .. أقول .. أنه لكل عصر مواصفات جيله , وللطبيعة والصراع المرير معها آثار جانبية إيجابية , تصقل مواهب من احتكوا بها فترات طويلة , وتفرزها حاجة الأجيال لتسجيل أمجادها , ومدح الفضائل لحث الناس على الا تصاف بها , وذم الرذائل لإبعاد الناس عنها , وبذلك تنشأ الفنون المختلفة التي تُعبر عن خصائص كل جيل , ونفرق بها بين أحداث وطبيعة الحياة في كل عصر عما قبله وما تلاه . وليس ما نسمعه من قصص ومواصفات تشبه الأساطير وليدة لحظتها , وإنما هي ثمرة كفاح لا يخطر حجمه وشدته بمخيلة أجيالنا , وتراكم تجارب , توارثت نتائجها , ولقن الآباء عصارتها لأبنائهم , فتظهر من وقت لآخر أعلام يُشار لها بالبنان , وتُكنى بها القبائل والأوطان . ولذلك فإن مثل هذه الفتاة وهذا البيت وأولئك الفتيان قلما ظفرت بهم الأحياء , ولو كان الأمر سهلاً لما ترددت أصداء أشعارهم إلى يومنا هذا . وما يُميّز أجيال تلك العصور , أن كل ما وصلنا من أشعارهم هي من العيار الثقيل , الذي لا تملك إلا أن تنتبه حين تسمعه , وتتمنى أن لا يفوتك منه شيء وتتمنى لو تمكنت من حفظه وترديده كلما مررت بموقف مطابق لما يصفه الشاعر
وكأنه نظم شعره لموقفك ذاك . ويتملكك شعور بترديدك له , وكأنك قد أديت ما عليك تجاه ذلك الموقف . و الحكمة والنصح والأمثال الشعبية نجدها ظاهرة جلية ومركزة في أشعارهم . ومن غرائب الأمور أن معظم تلك الأشعار كانت تُؤلف وتُلقى وتحفظ في آن واحد … ولا نملك حيال ذلك إلا أن نقول سبحان الله ولا قوة إلا به .. وله في خلقه شئون …
غناوي علم مطوّلة …
1- أرما العقل قيظ الوقت , عليك وين جاه نباك , اللي دستا من لرض , ربيعها طهق سابق المطر .
2- طارحة فراش الياس , خمد معاه عون العين , عاوانها نفض ليدين , مازال تبنها في قاعته .
3- اهشمن صابتي لرياح , وأمطار خاطري تنقيط ,وفاتن أيام نماه , وبراقة علم شايشلها .
4- اللي اتفوت فيه اتفوت , الصبر موش ديمة رأي ,يشقى ابمالفا ينساه , العقل ما مضى مو ادبارته .
5- أتصيف يا جذار العقل , يلويك قسمنا يا ياس ,أتزول يا غباش العين , و منام الحسود يفوخ ,امفيت يا أيامي أتعاكسن .
6- يبنى أقسام فوق الياس , حنّان صيفها تخضار ,جدد عمار ما من ناس , الوقت ماي لوالي شيرته .
7- نستا خذ ونا ناجي , ما أنجيكن ألا في دوج ,يبقى الرأي مو مني , تبقى أختام بوق العقل ,انكان يا خوالي جيتكن .
8- مشت بياسّا مد دار , حتت احتاتا مص صبر ,لاجت وكادها واصملت , ارمت العين حيطات الرجا .
9- حتى وهو عتيق أهوال , ابماي معاه من عازات ,علي ما لواه الوقت ,افرغن فيه ما من ياس ,ما طاطا علي دار الجفا .
10- وكد الياس مو تظنين , خذوه غدر غاب نباه ,جروه نين فات أعربه , خذوبا خلا ونووه ,فاتن عليه آجال , والعقل صوب لولاف منقضا .
11- عوّال ياس عايل فيه , أتجل فيه ريح الوقت , فزاعا نوا لخلاف ,مع لهيب قيظ الفقر , طقيق عرق مازال فلغلا .
·هجاوي …
- شوا أعدادهم جور ليام .. مشو عادين النقابه
-اللي لغيرهم كيف لقسام .. لا صادفن في أطلابه
-أجواد تاقزة كل منضام .. وأوهام دافية للغلابه
-اللي لا لفو كية اجعام .. لياس ميسين الرطابه
-ما بينهم ضايق علام .. جار جارهم مط طرابه
-اللي طيفم فل منام .. أنطاف نحرثو عام صابه
-ما يعرفو كيل لقرام .. أتقول يغرفو من ترابه
-الكل من عطو وافي اجمام .. عطية قلب عاطي حبابه
-اللي للعدو قيد واخزام .. أرقام قيدن في كتابه
-مشو عقبو شين لوهام .. بقين أحكامنا شرع غابه
-فجاوي مجاهيل واشلام .. أكبار سدهن قول هابا
-ستين عام في عام في عام .. عزا ما يحودد منابه
-على ما لفن من اظلام .. علي نقب منقوص قابه
-على ما جرى للأيتام .. علي كل خالي خرابه
-على غافلاً هال برام .. مو دايره في حسابه
-الله يعزكم يا أكرام .. زعاله ومانا عتابه .
·غناوي علم ردود على الهجاوي السابقة
( شيالت عقيب الدار شويك وقت شوا أعدادهم )
( توارو اللي للعين رفقاهم قسامي صادفة )
( كمين ضيم يرجى فيه رحيل من أوهامه دافية )
( علي أمهله عال اليأس متباعد اللي يحير لالفا )
( تواره ذرا لنظار الحق الضيم ناسا وجارهم )
( جلاية جذار العقل حتى منامهم مو حامله )
( توارو اللي أن طلبت اللي بين ليدين ماي لهم )
(عطية من يريد زهاك أيام ود لولاف لا عطو )
( صاين ذرا لجواد من ريح العدو جار جارهم )
( فاهق غياب عزيز قصرن أيدين طقاقه اكبر )
( لوهام يا عزيز أبعدك خوالي وداوي ديهن )
( اخذيلا عقاب العمر عزا عزيز ياعين وابرحي )
( أخطيت من جفا لوقات بعد عزيز ما ريت وافية )
(الحق العقل في منفاه وحش جفاك يادار القدم )
( بعيد عن حساب العقل اللي ريتا في غيابهم )
(عتاب خاطري عل وقت ألا عزيز لو صاد ما رحل )
الموضوع منقول